المتابعون

Translate

المكتبة القانونية الشاملة

كتب - رسائل جامعية و أطاريح - مقالات للتحميل المجاني

مارايكم في هذه المدونة ؟

‏إظهار الرسائل ذات التسميات المقالات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المقالات. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 20 يناير 2019

الإستعداد الجيد لمباراة المنتدبين القضائيين (مهام كتابة الضبط)

مهام كتابة الضبط



مقدمة :
لا أحد ينازع اليوم أو يشكك في الدور الحيوي الذي تضطلع به كتابة الضبط داخل المحكمة، حيث أصبح الاعتراف بمثل هذه الحقيقة واقع يفرض نفسه على كل متعامل مع هذه المؤسسة، بل إن إصلاح القضاء
كما جاء في خطاب جلالة الملك : 29 يناير2003 يقتضي النهوض بكتابة الضبط وذلك بوضع نظام أساسي محفز وحماية موظفيها من كل اعتداء أو إهانة.

إن تحقيق العدالة وتسهيل مهمة القضاء يقتضي تدخل جهاز كتابة الضبط، فالقاضي وحده لا يستطيع أن يقوم بجميع الأعمال التي يتطلبها السير في الدعوى والتحقيق فيها، وتنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها.
في خضم هذه الأهمية التي تحتلها مؤسسة كتابة الضبط ، ونظرا لأهمية الموضوع المتمثل في عمل كاتب الجلسة قبل وأثناء وبعد الجلسة، فإننا سنحاول دراسته من خلال التقسيم التالي :


القسم الأول : دور كاتب الضبط قبل وأثناء وبعد الجلســة
المبحـــث الأول : المهام المنوطة بكاتب الضبط قبل الجلسة.
  1. المطلب الأول : تقييد الدعاوي التي ترد على المحكمة (المادة 31 من ق م م)
  2. المطلب الثاني : توجيه استدعاءات الجلسة (الفصل 36 ق م م)
iii. المطلب الثالث : إعداد جدول الجلسات (الفصل 46 من ق م م)
المبحث الثاني : المهام المنوطة بكاتب الضبط خلال الجلسة وبعدها.
  1. المطلب الأول : عمل كاتب الضبط خلال الجلسة
  2. المطلب الثاني : عمل كاتب الضبط بعد الجلسة (ق 50 و51 من ق م م)
القسم الثاني : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد
المبحث الثالث : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء ق م ج قبل صدور الحكم أو القرار ؛
  1. المطلب الأول : تلقي الشكايات
vii. المطلب الثاني : فتح الملفات و الإجراءات المواكبة له
viii. المطلب الثالث : الإجراءات المسطرية المتعلقة بالجلسة
المبحث الرابع : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ظوء ق م ج بعد صدور الحكم أو القرار.
  1. المطلب الأول : تبليغ الأحكام و القرارات
  2. المطلب الثاني : تلقي الطعون و توجيهها للمحكمة المختصة
  3. المطلب الثالث : تسليم النسخ العادية و التنفيذية


xii. المطلب الرابع : التنفيذ الزجري للأحكام أو القرارات الزجري
القسم الأول : دور كاتب الضبط قبل وأثناء وبعد الجلســة
إن كتابة الضبط تسهر على تسجيل الدعاوى المرفوعة إلى المحكمة وتوجيه استدعاءات الحضور وإجراء التبليغات المتطلبة وتصنيف ملفات الدعوى، وحفظ الوثائق إلى غير ذلك من الأعمال.
فيما يعود لدينا من اعتقاد متواضع فإنه لا يمكن تحقيق عدالة بمعناها الحقيقي وقضاء نزيه وفعال وصدور أحكام عادلة ومنصفة دون الانفتاح على هذه المؤسسة لأنها هيأت بالأساس لتكملة عمله والمساهمة في
تفعيله وسعيا وراء تحقيق حماية أكبر للحقوق والحريات.
المبحث الأول : المهام المنوطة بكاتب الضبط قبل الجلسة.المطلب الأول : تقييد الدعاوي التي ترد على المحكمة (المادة 31 من ق م م)
حسب الفصل 31 من ق م م فإن الدعوى تفتتح بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعى أو من وكيله أو بتصريح شفوي يدلي به المدعي إلى كاتب الضبط الذي يحرره في محضر خاص، ويوقع عليه المدعي، إذا كان يحسن التوقيع، وإلا أشار إلى ذلك ويبصمه ببصمته ويؤدى عنه الرسوم القضائية.ويسجل المقال في سجل معد لذلك يرقم، ثم يفتح لـه ملف ويحال على السيد رئيس المحكمة ليعين القاضي المقرر إذا كان النزاع يدخل ضمن القضاء الجماعي أو قاضيا مكلفا بالقضية إذا كان النزاع يتعلق بالقضاء الفردي ليعين تاريخ أول جلسة.إن كاتب الضبط خلال هذه المرحة يعمل على تصنيف الدعاوي مراعيا في ذلك موضوعها وسببها من أجل إظهار موضوعها بواجهة الملف، كما يتأكد من أطراف الدعوى وعددهم من أجل المطالبة بنسخ من المقال بعدد الأطراف مع إنذارهم، وفي حالة عدم الاستجابة يخبر رئيس الجلسة للتشطيب على الدعوى (ف 142).
المطلب الثاني : توجيه استدعاءات الجلسة (الفصل 36 ق م م)الاستدعاء حسب الفصل 36 من ق م م هو وسيلة اتصال الأطراف بالمحكمة، ويقع الاستدعاء في نموذج هيأته وزارة العدل يشمل الاسم العائلي والشخصي للأطراف وعناوينهم واسم القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية وموضوع الدعوى ورقم القضية مع اسم المحكمة التي تبث فيها وتاريخ الجلسة ورقم قاعة الجلسات.وهذا الاستدعاء يبلغ إما بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط أو العون القضائي أو الطريقة الإدارية أو البريد المضمون أو عن الطريق الدبلوماسي.هـذا وقـد حـدد المشرع المغربي آجالا لهذه الاستدعاءات وفق الفصلين 40 و41 من ق م م، وقد راعى المشرع في هذه الآجال (خمسة أيام على الأقل إذا كان يسكن في نفس المدينة التي توجد بها المحكمة أو قريبا منها ، أما إذا كان بعيد فإن المدة تزيد إلى 15 يوما) إعطاء فرصة للمدعى عليه ليهيئ دفاعه وليتدبر أمره.لكن ما الحكم إذا حضر المدعى عليه في الجلسة المعينة في الاستدعاء ودفع بمخالفة الاستدعاء للفصل 40 أي عدم احترام الآجال المنصوص عليها في الفصل السالف الذكر ؟ 
في هذه الحالة يتعين على القاضي تأخير القضية لجلسة أخرى يشعر لها المدعى عليه.المطلب الثالث : إعداد جدول الجلسات (الفصل 46 من ق م م)يقوم كاتب الضبط بيوم على الأقل قبل انعقاد الجلسة بتضمين القضايا بسجل الجلسات بدء بقضايا المداولة التي ستبث فيها المحكمة متبوعا بقضايا المناقشة حسب نموذج السجلات المعدة من طرف وزارة العدل.وتظهر أهمية هذا السجل أثناء مراقبة القضايا وتتبع مآلها وهو ما أكده الفصل 46 من ق م م بحيث يتعين على كاتب الضبط أو كاتب الجلسة عموما توثيق تواريخ التأخير ومآل المداولات كما يساعد هذا السجل في ضبط عدد القضايا المحكومة والمؤخرة وقضايا المداولة التي تم تمديد المداولة بشأنها، ويتم التوقيع على هذا السجل عند حصر كل جلسة من طرف رئيس الجلسة وكاتب الجلسة.


المبحث الثاني : المهام المنوطة بكاتب الضبط خلال الجلسة وبعدها 
المطلب الأول : عمل كاتب الضبط خلال الجلسة 
أولا : كاتب الجلسة :
سواء تعلق الأمر بقانون المسطرة المدنية أو المسطرة الجنائية فإن تشكيلة الهيئات القضائية تتضمن كاتبا للجلسة، وأثناء انعقاد الجلسة يجلس كاتب الضبط على يسار الرئيس مرتديا بذلته النظامية المحددة وفق قرار السيد وزير العدل رقم 1.505.91 الصادر بتاريخ 12 جمادى الأولى 1412 موافق 20 نونبر 1991 الذي يحدد بموجبه المميزات الخاصة ببذلة كاتب ضبط الجلسات ويضم هذا القرار أربعة مواد أولها مجانية البذلة وثانيها مميزات البذلة ذات اللون الأسود والوشاح الأبيض.هذا ولا يؤدى كاتب الجلسة وظيفته إلا بعد أداء اليمين القانونية المنصوص عليه وفق ظهير 16/12/57 أو المنشور الوزيري رقم 22 المؤرخ في 08/08/1960 بشأن استيفاء اليمين القانونية من طرف كتاب الضبط.والمهمة الأساسية لكاتب ضبط الجلسة الذي يوصف بالشاهد الشريف هي تدوين ما راج في الجلسة في محضر قانوني يسمى بمحضر الجلسة، هذا الأخير الذي تترتب عنه أثارا قانونية من حيث صحته وقانونية وخطورة ما يضمن به وهذا ما أكده الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه أن مسؤولية كاتب الضبط لا تقل مسؤولية عن القاضي إذ يتعين أن يكون كاتب الجلسة على قدر من الثقافة والإلمام بالقواعد الإجرائية ومعروف بالسلوك القويم حتى يتأتى له تحرير محضر يوصف بالقانوني.ثانيا: محضر الجلسة وحجيته :إن محضر الجلسة المعد من طرف كاتب ضبط لجلسة، يصلح بالفعل لتكوين حجة قانونية تشهد على احترام بعض مقومات المرافعات، كما أنه يستعمل كوسيلة لترشيد الأحكام.إن محضر الجلسة تقرير خطي يدون وفق النموذج المعد من طرف وزارة العدل الذي يتضمن في ديباجيته اسم المحكمة ورقم القضية وتاريخ الجلسة وأسماء الهيئة الحاكمة بما فيها كاتب الضبط.ومن بين الأسس القانونية التي يجب أن يتضمنها محضر الجلسة :
رقم القضية وتاريخ الجلسة ومكان انعقادها 
أسماء القضاء المشاركين بحضور النيابة العامة أو عدمه وكذا اسم كاتب الجلسة 
حضور أطراف القضية أو دفاعهم أو غيابه وكيفية توصله بالاستدعاء 
اسم المحكمة المعروض عليها القضية 
بيان طبيعة النزاع 
تسجيل المناداة على القضية وأطرافها 
تسجيل علنية الجلسة أو سريتها 
تسجيل دفوع الأطراف وموقف المحكمة منها 
تسجيل مآل القضية (تأخير –مداولة) أسباب التأخير 
تسجيل تلاوة التقرير من طرف المقرر أو إعفاؤه من طرف الرئيس وعدم معارضة الأطراف
تسجيل تبادل المذكرات بين الأطراف 
تسجيل المرافعات الشفوية 
تسجيل تصريحات الشهود والتراجمة في القضايا التي تتطلب ذلك 
تسجيل الأحكام والأوامر الصادرة من طرف المحكمة 
توقيع المحضر من طرف رئيس الجلسة وكاتب الجلسة 
ومما يجب مراعاته في كتابة محضر الجلسة هو الدقة وتجاوز التشطيب أو المحو أو الإضافة بين السطور لأن كل عمل مثل هذا من شانه أن يثير الشك في قانونية وصدق هذه المحاضر.هذا ومحضر الجلسة من خلال قانون المسطرة الجنائية يضطلع بامتياز هام يتمثل في تمتعه بدرجة الحجية المطلقة شريطة أن يكون صحيحا من الناحية الشكلية وأن يضمن في كاتب الجلسة وهو ما يزاول مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في شأن الأمور الراجعة لاختصاصه.ونظرا لأهمية محضر الجلسة اهتم القضاء كثيرا بهذا الجانب واعتبر أن حضور كاتب الضبط وعدم تحرير المحضر يؤدي إلى بطلان الإجراء الذي قام به القاضي، كما قرر إبطال المحضر الذي يحتوي على تصريحات مغفلة.هذا ويجب على كاتب الجلسة أن يتقيد بتاريخ المحضر، حيث اعتبرت محكمة النقض الفرنسية بأن إهمال هذا التاريخ يترتب عنه نقض الحكم والإجراءات بل واعتبرت أن أجل توقيع المحاضر من النظام العام، ومن تم يجب الالتزام به وذهبت إلى ان هناك مساسا بحقوق المحكوم عليه إذا لم يتمكن دفاعه من الإطلاع على المحضر في خمسة أيام بعد النطق بالحكم.


المطلب الثاني : عمل كاتب الضبط بعد الجلسة (ق 50 و51 من ق م م)بعد انتهاء الجلسة ورفعه بالطريقة القانونية فإن كاتب الضبط وبعد الالتحاق بمكتبه يقوم بتصفية الجلسة أي تضمين مآل القضايا المعروضة للمناقشة أو المداولة بسجل الجلسة وترقيم الأحكام أو القرارات أو الأوامر التمهيدية وحصر الجلسة وإحصاء عدد القضايا المحكومة نهائيا أو ابتدائيا أو تمهيديا والتوقيع على ذلك بمعية الرئيس.وإذا كان الفصل 50 من ق م م ينص على أن الأحكام يجب أن تصدر في جلسة علنية، فإن الممارسة العملية وخاصة في الميدان المدني أثبتت أنه لا يمكن التوصل إلى ذلك نظرا لكثرة الملفات الرائجة والسرعة التي تتم بها تلاوة المنطوق وهو ما يجعل كل كتاب الجلسات بمحاكم المغرب يلجؤون إلى القيام بذلك بعد الجلسة والتوقيع على المحضر بمعية رئيس الجلسة وفق الفصل 51.وقد حدد الفصل 50 من ق م م البيانات الإلزامية التي يجب أن يشتمل عليها كل حكم قضائي تحت طائلة البطلان، ومن هذه البيانات صدوره في جلسة علنية حتى ولو كانت المناقشة تمت بقرار من المحكمة في جلسة سرية وتحمل في رأسها (المملكة المغربية) و(باسم جلالة الملك) باعتبار جلالته رأس السلطة القضائية التي هي مظهر من مظاهر الإمامة العظمى المنوطة بأمير المؤمنين.ومن البيانات الإلزامية كذلك، التي أوجب المشرع ضرورة النص عليها في الحكم، ذكر اسم القاضي أو القضاة الذين أصدروه، واسم كاتب الضبط، وأسماء المستشارين في قرارات محاكم الاستئناف أو المجلس الأعلى والإشارة إلى حضور ممثل النيابة العامة إن كان ضروريا وملخص مطالبه.هذا وإذا عاق الرئيس أو القاضي المقرر عائق أصبح معه غير قادر على التوقيع وقع من طرف رئيس المحكمة بعد إشهاد من طرف كاتب ضبط الجلسة على أن منطوق الحكم مطابق للصيغة التي صدر عيها.وإذا حصل مانع لرئيس المحكمة وقع بالنيابة عليه أقدم القضاة، وإذا حصل مانع لكاتب الجلسة ذكر القاضي ذلك في الحكم دون أن يوقع من طرف كاتب آخر.وإذا حصل مانع لكل من القاضي والكاتب اعتبر الحكم كأن لم يكن وأعيدت القضية للمناقشة من جديد، وكأن الحكم لم يقع مطلقا، ولا يمكن لمن صدر الحكم لصالحه أن يحتج به لأن الحكم لا يكتمل إلا بتوقيعه ممن يجب.إن غاية المشرع من توقيع الأحكام وترقيمها هو ضبطها وترتيبها من أجل الرجوع إليها كل ما دعت الضرورة إلى ذلك تسهيلا لإمكانية التتبع وتسليم النسخ وحفظ الملفات والاحتفاظ بأصول الأحكام والقرارات والأوامر وفق ترتيب معين، هذا بالإضافة إلى تيسير عملية الإحصاء الأسبوعي والشهري والدوري والسنوي.


القسم الثاني : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد
منذ فجر الاستقلال، عرف المغرب مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقانونية الهدف منها ضمان السيادة على مجموع التراب الوطني، وبناء دولة الحق والقانون وكسب رهان الديموقراطية والتنمية.
إن ترسيخ مبدأ السيادة على جميع التراب الوطني لا يمكن تحقيقه إلا بإقامة العدل وتقريب القضاء من المتقاضين وإنشاء مؤسسات قضائية تسهر على الفصل بين المتنازعين أيا كان موضوع النزاع المعروض عليها.
وإذا كان المشرع خلال هاته الفترة عمل على تحديث مؤسساته القضائية بهدف مغربة القضاء وإقرار مبدأ العدل والمساواة أمامه فإنه عمل بالمقابل على سن وتعديل مجموعة من القوانين كقانون الجنسية وقانون الحريات العامة وقانون المسطرة الجنائية ومدونة الأحوال الشخصية (مدونة الأسرة حاليا) …
وعليه وفي ظل هاته الإصلاحات التي عرفتها الترسانة القانونية، واستجابة لمطالب المؤسسات والمنظمات الحقوقية وطنيا ودوليا التي ظلت تناضل لمدة أربع عقود من الزمن أسفر عن تعديل ق م ج بمقتضى قانون رقم 01-22 بهدف إقرار إجراءات تكفل الحفاظ على حق الفرد والجماعة وحماية الإنسان وإقرار حق الدفاع وضمان محاكمة عادلة.
في ضوء هاته الإصلاحات التي عرفها ق م ج، ونظرا لأهمية الموضوع فإننا نتساءل : أي دور لكتابة الضبط في قانون المسطرة الجنائية الجديد ؟


الجواب عن هذا السؤال يقتضي منا معالجة المبحثين التاليين:
المبحث الثالث الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ضوء ق م ج قبل صدور الحكم أو القرار ؛
المطلب الأول : تلقي الشكايات
يقدم الشكوى المتضرر نفسه أو من يوكله، ما لم ينص القانون على إمكانية تقديم الشكاية بواسطة غيره، كما هو الشأن بالنسبة للمادة 71 من قانون الصحافة التي تنص على أنه في حالة السب أو القذف الموجه ضد أعضاء الحكومة فإن وزير الداخلية يتقدم بشكوى إلى وزير العدل، وإذا كان المتضرر قاصرا أو محجوزا عليه لسفه أو خلل عقلي، فإن الذي يقدم الشكاية هو حاجره القانوني
هذا وتقدم الشكايات إلى السيد وكيل الملك طبقا للمواد من 39 إلى 47 من ق م ج أو الوكيل العام للملك طبقا للمواد من 48 إلى 51 أو قاضي التحقيق طبقا للمواد من 52 إلى 55 من ق م ج.
وإذا كانت الشكاية المباشرة التي يتقدم بها المتضرر إلى السيد قاضي التحقيق مرفقة بتنصيبه كمطالب بالحق المدني تقدم مباشرة إلى السيد قاضي التحقيق، فإن الممارسة العملية وأمام غياب نص قانوني وفي إطار الصلاحيات التي يخولها القانون للسيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف أو السيد رئيس المحكمة الابتدائية، فإن الشكاية تحال على المسؤول القضائي داخل المحكمة بواسطة كتابة الضبط لكي يعين قاضيا للتحقيق مكلف بالقضية في حالة تعدد قضاة التحقيق ، لتحال بعد ذلك على كتابة ضبط الغرفة المختصة بالتحقيق لتعمل على فتح ملف التحقيق و تضمينها بالسجل العام للتحقيق و عرضها على قاضي التحقيق لاتخاذ المتعين.


المطلب الثاني : فتح الملفات و الإجراءات المواكبة له
أولا : فتح الملفات أمام غرفة التحقيق والإجراءات المواكبة لها
تتجلى أهمية كتابة الضبط لدى غرفة التحقيق في تتبع الإجراءات التي يصدرها قاضي التحقيق أثناء عملية التحقيق في شكل أوامر كالأمر بإحضار الشاهد بواسطة القوة العمومية طبقا للمادة 128 من ق م ج و الأمر بالحضور أو الإحضار أو الأمر بالإيداع في السجن أو الأمر بإلقاء القبض طبقا للمادة 142 من ق م ج و كذا الأمر بالوضع تحت المراقبة القضائية طبقا للمادة 160 من ق م ج إلخ
هذا و يحال الملف سواء من طرف النيابة العامة أو من طرف السيد الرئيس الأول أو رئيس المحكمة أو عن طريق شكاية مباشرة على قاضي التحقيق و هو يحتوي على رقم النيابة و كذا محضر الضابطة القضائية ثم مطالبة إجراء تحقيق موقع من طرف السيد الوكيل العام للملك أو وكيل الملك حيث تضم هذه المطالبة اسم المتهم و التهمة المنسوبة إليه و كذا هويته ـ ثم يلتمس السيد الوكيل العام للملك أو وكيل الملك من السيد قاضي التحقيق إما بإيداعه بالسجن أو ما يراه مناسبا أو لتطبيق القانون.
بعد إحالة الملف على غرفة التحقيق تفتح له كتابة الضبط ملفا جديدا لديها في السجل العام الذي يضمن فيه الرقم الترتيبي للملف ثم تاريخ تسجيله و كذا رقم الملف بالنيابة واسم المتهم و كذا اسم المطالب بالحق المدني و كذا التهمة المنسوبة للمتهم، ثم تاريخ المطالبة بإجراء تحقيق بالإضافة إلى تهيئ الملف الأصلي و كذا تهيئ نسخة من الملف حتى تبقى لدى كتابة الضبط و ذلك بمجرد إنهاء البحث في القضية.
هذا و بمجرد إصدار قاضي التحقيق قرار بإنهاء البحث ، فإن كتابة الضبط تعمل على توجيه الملف إلى النيابة العامة للإطلاع ووضع ملتمسها النهائي و ذلك داخل أجل أقصاه 08 أيام من توصلها بالملف استنادا لمقتضيات المادة 214 من ق م ج بعدها يمكن لقاضي التحقيق أن يصدر أمرا إما بإحالة القضية على غرفة الجنايات أو على المحكمة الابتدائية المختصة أو يصدر أمرا بعدم المتابعة أو غير ذلك.
و عليه فبمجرد إصدار قاضي التحقيق قراره فإن كتابة الضبط تعمل على تضمين القرار في سجل القرارات النهائية و تعطيه رقما ترتيبيا وتاريخ صدوره و مضمون القرار، على أن يوقع قاضي التحقيق على هذا القرار، هذا وتقوم كتابة الضبط بتبليغ هذا القرار للأطراف بواسطة إعلام بصدور أمر قضائي مرفوقا بشهادة التسليم على أن تقوم بتبليغ المتهم داخل السجن إذا كان معتقلا.
و في حالة ما إذا أصدر قاضي التحقيق قرارا مخالفا لملتمس النيابة العامة فإن كتابة الضبط تعمل على إخبار النيابة العامة حتى يتسنى لها الطعن بالاستئناف.
إن هاته الأهمية التي يحتلها جهاز كتابة الضبط تلقي على عاتق كاتب الضبط مسؤولية كبيرة إذ أن أي إغفال أو إهمال أو خرق مسطري من شأنه أن يمس حقوق الدفاع وخاصة حق المتهم و قد يؤدي إلى بطلان الإجراءات.
ثانيا : فتح الملفات أمام الغرفة الجنحية ” ابتدائيا– استئنافيا “و الإجراءات المواكبة لها
بعد إحالة القضايا من طرف النيابة العامة على الكتابة الخاصة لرئيس المحكمة أو ديوان السيد الرئيس الأول، تحال على السيد رئيس المحكمة أمام المحكمة الابتدائية أو السيد الرئيس الأول أمام محكمة الاستئناف، لتعيين القاضي المقرر إذا كنا أمام قضاء جماعي أو قاضيا مكلفا بالقضية إذا كنا أمام قضاء فردي.


هذا و بعد تعيين القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية يحال الملف على القسم الجنحي لتضمينه في السجل العام للقضايا الجنحية، حيث يضم هذا السجل المعلومات المتعلقة بالملف من رقم ترتيبي بكتابة الضبط و كذا رقمه في النيابة العامة وهوية المتهم والتهمة المنسوبة إليه وكذا رقم المحضر وحالة المتهم هل معتقل أو في حالة سراح أو فرار، و رقم الاعتقال إذا كان معتقلا، و الملاحظ خلال الآونة الأخيرة هو أنه و في إطار التنسيق والتكامل بين كتابة النيابة العامة و مصلحة كتابة الضبط، فإن نفس الرقم الترتيبي الذي يحمله الملف لدى النيابة العامة تعتمده كتابة ضبط الرئاسة.
لكن من هي الجهة التي تعمل على توجيه استدعاءات أول جلسة ؟
حيث إن النيابة العامة هي التي تعين تاريخ أول جلسة فإن كتابة النيابة العامة هي التي تتولى أمر توجيه الاستدعاء الأول الموجه إلى الأطراف، على أن تباشر كتابة الضبط الإجراءات اللاحقة بناء على الأوامر والقرارات الصادرة عن المحكمة.
ثالثا : فتح الملفات أمام الغرفة الجنائية « ابتدائي-استئنافي » والإجراءات المواكبة لها
هي نفس الإجراءات التي تحدثنا عليها في الفقرة السابقة، كل ما هنالك هو أن القضايا الجنائية تبث فيها محكمة الاستئناف ابتدائيا واستئنافيا بينما القضايا الجنحية تبث فيها المحكمة الابتدائية ابتدائيا ومحكمة الاستئناف استئنافيا.
المطلب الثالث : الإجراءات المسطرية المتعلقة بالجلسة
أولا : الإجراءات المتخذة قبل الجلسة
تعمل كتابة الضبط قبل تاريخ الجلسة على تضمين القضايا في سجل الجلسة، ويتم تضمين هذه القضايا حسب أقدمية الملف ابتداء من قضايا المداولة ثم بعد ذلك قضايا المناقشة، هذا ويتم إعداد جدول الجلسات الذي يتم تعليقه على باب قاعة الجلسات ويسهل معرفة القضايا الرائجة في الجلسة، إضافة إلى جدول جلسات أشهر السنة القضائية الذي يوضع رهن إشارة رئيس الجلسة الذي يعتمده لتعيين تاريخ التأخيرات والمداولات.
ثانيا : الإجراءات المسطرية أثناء انعقاد الجلسة
يحضر كاتب الجلسة إلى جانب هيأة الحكم وممثل النيابة العامة، وبهذا يمثل كاتب الضبط قانونا هيئة ثالثة مستقلة بجلسة المحاكمة.
إن محضر الجلسة المعد من طرف كاتب الضبط، يصلح لتكوين الحجة الكتابية داخل الجلسة ويستعمل كوسيلة لترشيد الأحكام شريطة أن يكون صحيحا في الشكل وان يضمن فيه واضعه وهو يزاول مهام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في شان الأمور الراجعة إلى اختصاصه، كما استوجب القانون ضرورة توقيع المحضر من طرف القاضي رئيس الجلسة أو قاضي التحقيق وكاتب الضبط.


ثالثا : الإجراءات المتخذة بعد الجلسة
إن كاتب الضبط بعد انتهائه من الجلسة يعمل على تضمين نتائج الملفات من تأخيرات ومداولات وأحكام فاصلة في الموضوع وأحكام تمهيدية وترقيمها ووصفها حضورية أو غيابية أو بمثابة حضورية بسجل الجلسة، هذا ويوقع كاتب الجلسة وكذا رئيسها على سجل الجلسة، ثم بعد ذلك ينطلق كاتب الضبط إلى تنفيذ الإجراءات المضمنة بمحضر الجلسة كإعادة استدعاء الأطراف أو محاميهم وكذلك الشهود إن اقتضى الأمر ذلك وكذا الخبراء والتراجمة.
المبحث الرابع : الإجراءات المسطرية لكتابة الضبط في ظوء ق م ج بعد صدور الحكم أو القرار.
المطلب الأول : تبليغ الأحكام و القرارات
أولا : المبدأ – خضوع جميع الأحكام و القرارات للتبليغ
حسب ق م ج فإن جميع الأحكام و القرارات الصادرة في المادة الجنحية الجنائية غيابيا أو اعتباريا يستوجب تبليغها إلى المحكوم عليه و لا يمكن سلوك مسطرة التنفيذ بشأنها إلا بعد استيفاء مسطرة التبليغ طبقا للمادة 521 من ق م ج
ثانيا : الاستثناء من خضوع الأحكام و القرارات للتبليغ
إذا كان المبدأ هو أن جميع الأحكام و القرارات الصادرة في المادة الجنحية أو الجنائية تخضع لمسطرة التبليغ فإنه تستثني من هذه المبدأ الأحكام الحضورية التي يمكن سلوك مسطرة التنفيذ بشأنها بمجرد انتهاء أجل الطعن الذي يبتدئ من تاريخ الحكم أو القرار الذي يعتبر بمثابة تاريخ التبليغ.
المطلب الثاني : تلقي الطعون و توجيهها للمحكمة المختصة
أولا : الإجراءات المتخذة عند الطعن بالتعرض
في حالة صدور القرار أو الحكم غيابيا يكون لكل من صدر الحكم في حقه غيابيا الحق في الطعن بالتعرض في أجل عشرة أيام و هي آجال كاملة تبتدئ منذ تاريخ توصله بتبليغ الحكم أو القرار حسب ما جاءت به المسطرة الجنائية.
هذا و يتم التصريح بالتعرض في سجل معد لذلك ، حيث يحرر به صك التعرض الذي يأخذ رقما ترتيبيا وكذا تاريخ التصريح بالتعرض ورقم الملف ونوعه وتاريخ الحكم ورقم القرار و كذا اسم كاتب الضبط المحرر لهذا الصك مع تسجيل التصريح بالتعرض المتضمن لتاريخ التبليغ و اسم المتعرض و توقيعه أو بصمته.
ثانيا : الإجراءات المتخذة عند الطعن بالنقض
عند صدور القرار أو الحكم النهائي حضوريا يكون لكل طرف في الدعوى الحق في النقض داخل أجل عشرة أيام من تاريخ صدور القرار هذا و يحرر التصريح بالنقض ويدون بهذا الصك رقم الملف و تاريخ التصريح بالنقض و تاريخ صدور القرار، هذا و إذا كان المصرح معتقلا فإن التصريح بالنقض يتم لدى كتابة ضبط السجن الذي تعمل على توجيهه للمحكمة مصدرة القرار ليضمن بسجل التصريح بالنقض.
هذا و يجب توقيع التصريح بالنقض من طرف المصرح و كاتب الضبط.


ثالثا : الإجراءات المتخذة عند الطعن بالاستئناف
الاستئناف طريق من طرق الطعن العادية يقدم أمام المحكمة مصدرة الحكم أو القرار داخل الأجل المحدد قانونا ،و هو طعن يمارس في مواجهة الأحكام الجنحية الابتدائية أو القرارات الجنائية الابتدائية طبقا للفصل 157 من ق م ج من طرف المتهم أو النيابة العامة أو المسؤول عن الحقوق المدنية.
أما بخصوص المسطرة المتبعة فما قيل عن التعرض والنقض يقال عن الطعن بالاستئناف.
المطلب الثالث : تسليم النسخ العادية و التنفيذية
لتسليم النسخ التنفيذية يجب أن يكون الحكم نهائيا و النسخة التنفيذية يجب أن تكون مختومة و موقعة من طرف كاتب ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أو القرار وحاملة العبارة التالية ” سلمت طبقا للأصل و لأجل التنفيذ ” عملا بالفصل428 ق.م.موتاريخ التبليغ، وكذا الصيغة التنفيذية.
هذا و يجب إثبات تسليم النسخة التنفيذية في سجل معد لتسليم النسخ التنفيذية و كذا توقيع المتسلم لهاته النسخة في السجل و في غلاف الملف حتى لا يتم سحبها مرة ثانية لأن التنفيذ يكون مرة واحدة فقط، و إذا ما ضاعت النسخة التنفيذية فإن الطالب يتعين عليه أن يتقدم بطلب للسيد رئيس المحكمة الابتدائية للحصول على أمر قضائي يرمي إلى تمكينه من نسخة تنفيذية أخرى.
هذا و لا يمكن طلب سحب النسخة التنفيذية إلا للشخص المستفيد من الحكم عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 428 ق.م.جالتي تنص على أنه ” لكل محكوم له يرغب في تنفيذ الحكم حق الحصول على نسخة تنفيذية منه“.
أما بخصوص النسخة العادية فتسلم لكل طرف في الدعوى بناء على طلب يتم إيداعه بمكتب الضبط، و يتقدم به الطالب في اسم السيد رئيس مصلحة كتابة الضبط، و يؤدي عنه تنبر من فئة 5 دراهم لكل صفحة من القرار، و يتم ختم هذه النسخة من طرف كاتب الضبط و تتم الإشارة على أنها نسخة عادية.


المطلب الرابع : التنفيذ الزجري للأحكام أو القرارات الزجري
أولا : فتح ملفات التنفيذ الزجري
يفتح ملف التنفيذ الزجري بناء على مختصر وكذا نظير البطاقة رقم 1 في سجل المختصرات ويتضمن البيانات التالية :
üرقم المختصر وتاريخه ؛
üرقم بيان التحملات وتاريخه ؛
üرقم القضية ونوعها ؛
üرقم الحكم أو القرار وتاريخه ؛
üالاسم الكامل للمحكوم عليه وعنوانه ؛
üالمبلغ المحكوم به ؛
üالصوائر المحكوم بها.
هذا ويسلم ملف التنفيذ إلى مأمور إجراءات التنفيذ إذا كان المنفذ عليه يقطن داخل المدار الحضاري قصد تبليغه مع الاحتفاظ بالمقتطع من شهادة التسليم داخل ملف التنفيذ، أما إذا كان خارج المدار الحضاري أو الدائرة القضائية فإنه يتم توجيهه في إطار إنابة قضائية.
ثانيا : الإنابة القضائية
يمسك سجل الإنابات القضائية من طرف مكتب التنفيذ الزجري، ويتضمن هذا السجل الرقم الترتيبي للملف وتاريخ تسجيله ثم رقم المختصر وهو نفس الرقم الذي يضم في السجل العام للتنفيذ الزجري وتاريخه ثم رقم القضية وكذا الاسم الكامل للمحكوم عليه وعنوانه وبيان التحملات والمبلغ المحكوم به وكذا اسم المرسل إليه ورقم المضمون وتاريخ توجيه الإنابة وتاريخ إرجاع الإنابة.
ثالثا : ملفات الإكراه البدني
بعد انتهاء شهر من تبليغ المنفذ عليه للاستدعاء بمثابة إنذار قانوني ينتقل مأمور الإجراءات إلى عنوان المنفذ عليه قصد حثه على الأداء مرة أخرى وعند عدم استجابته يحرر محضر الحجز إن كان له ما يحجز أو محضر بعدم ما يحجز إن لم يوجد ما يحجز لـه، وفي هاته الحالة الأخيرة يفتح ملف الإكراه البدني في سجل الإكراهات البدنية حيث يأخذ هذا الملف رقم ترتيبي من هذا السجل ويضمن به تاريخ التسجيل، ورقم المختصر ورقم القرار وتاريخ صدوره والمبلغ المحكوم به واسم المنفذ عيه وتاريخ إنذاره.


ومن تم فبمجرد فتح ملف الإكراه البدني يحرر مطبوع الإكراه البدني الذي يوجه إلى السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية مرفقا بما يلي :
üما يفيد توجيه وتبليغ إنذار بالأداء إلى الشخص المنفذ عليه ؛
üتقديم طلب كتابي من طالب الإكراه البدني يرمي إلى الإيداع في السجن ؛
üالإدلاء بما يفيد عدم إمكانية التنفيذ على أموال المدين من خلال تحرير محضر بعدم وجود ما يحجز.
هذا وبعد توجيه طلب الإكراه البدني مرفقا بالوثائق المشار إليها في الفصل 640 من ق م ج إلى السيد وكيل الملك على أن لا يأمر هذا الأخير أعوان القوة العمومية بإلقاء القبض على المكره إلى حين صدور قرار بالموافقة على ذلك من طرف السيد قاضي تطبيق العقوبات.
منقول للافادة

بيع العربون د. وهبة الزحيلي

بيع العربون
د. وهبة الزحيلي










تلخيص ممتاز لمادة المسطرة المدنــية للمقبلين على مباراة المنتدبين القضائيين




تلخيص ممتاز لمادة المسطرة المدنــية

يهدف قانون المسطرة المدنية بشكل عام إلى حماية حقوق المتقاضين مدعين كانوا أو مدعى عليهم. غير أن هذه الحماية لا تتحقق على الوجه الذي يتوخاه هؤلاء بسبب طول الإجراءات وبطئها، وخاصة لأن من شأن ذلك تفويت الحقوق على أصحابها وإلحاق أضرار بمصالحهم، لذلك عمد المشرع الإجرائي المغربي كغيره من التشريعات الأخرى إلى تخصيص قواعد متميزة لبعض المنازعات تساير طابعها الإستعجالي، وتعرف هذه القواعد عادة بالمساطر الإستعجالية.



فالمساطر الإستعجالية ضمانة أخرى يمنحها قانون المسطرة المدنية للمتقاضين، إذ يصبح التقييد بالآجال والإجراءات العادية غير كاف للحفاظ على حقوقهم، الأمر الذي دفع بالمشرع إلى تخصيص نصوص فريدة تعالج القضايا التي تتميز بالطابع الإستعجالي، وهي في القانون المغربي، الأوامر المبنية على طلب ( مبحث أول ) والمعاينات ( مبحث ثاني ) ومسطرة الأمر بالأداء ( مبحث ثالث ) وقضايا الأمور المستعجلة ( مبحث رابع ). ولقد نص المشرع المغربي على المساطر الإستعجالية ومسطرة الأمر بالأداء في الفصول من 149 إلى 154 من قانون المسطرة المدنية، ثم الفصول من 155 إلى 165.المبحث الأول: الأوامر المبنية على الطلب والمعايناتينص الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية على (يختص رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم بالبت في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار أو أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف. ويصدرون الأمر في غيبة الأطراف دون حضور كاتب الضبط بشرط الرجوع إليهم في حالة وجود أية صعوبة.يكون الأمر في حالة الرفض قابلا للاستيناف داخل خمسة عشر يوما من يوم النطق به عدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال أو توجيه إنذار. ويرفع هذا الاستيناف أمام محكمة الاستيناف.إذا عاق الرئيس مانع ناب عنه أقدم القضاة.يقوم عون كتابة الضبط المكلف بإنذار أو بإثبات حالة بتحرير محضر يثبت فيه باختصار أقوال وملاحظات المدعى عليه الاحتمالي أو ممثله ويمكن تبليغ هذا المحضر بناء على طلب الطرف الملتمس للإجراء إلى كل من يعنيه الأمر، ولهذا الأخير أن يطلب في جميع الأحوال نسخة من المحضر.إذا لم يكن القيام بالمعاينة المطلوبة مفيدا إلا بواسطة رجل فني أمكن للقاضي تعيين خبير للقيام بذلك).

فالأمر المبني على الطلب، إختصاص ولائي يمارسه رئيس المحكمة الإبتدائية عملا بالفصل 148، ومن صوره المقالات الرامية إلى إثبات حال أو توجيه إنذار أو أي إجراء مستعجل في أي مادة ما لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف.المطلب الأول: مسطرة إصدار الاوامر المبنية على الطلب و المعايناتالفقرة الأولى: كيفية تقديم الطلب.ليس من المستساغ تقديم الطلب في نطاق الفصل 148 من ق.م.م، بشكليات من شأنها أن تحيد بهذه المسطرة عن الهدف الذي من المفروض أن تحققه ألا وهو تأمين الحماية العاجلة للحقوق لذا، فإنه يكتفي فيه بالبيانات الضرورية، ويرفع وفق الصيغة القانونية المقررة له، إلى رئيس المحكمة الإبتدائية، مصحوب بالمستندات التي تؤيده.الفقرة الثانية: الجهة المختصة بالبت في الطلبينفرد رئيس المحكمة الإبتدائية وحده دون رئيس محكمة الإستئناف في البت في الأوامر المبنية على الطلب، وهذا راجع لكون قانون المسطرة المدنية لم يرد فيه أي نص يخول رئيس محكمة الإستئناف الإختصاص في الأوامر السابق ذكرها.هذا، ويقوم عون كتابة الضبط المكلف بغنذار أو بإثبات حالة، بتحرير محضر يثبت فيه بإختصار، أقوال وملاحظات المدعى عليه أو ممثله، ويبلغ بناء على طلب الطرف الملتمس للإجراء، إلى كل من يعنيه الأمر، ولهذا الأخير أن يحصل على نسخة منه.أما إذا كانت المعاينة تستدعي رجلا فنيا، فإنه يمكن للقاضي تعيين خبير لمباشرتها.الفقرة الثالثة: طريقة البت في الطلبإن النظر في الطلب موضوع الفصل 148 لا يخضع للقواعد المالوفة للبت في الدعاوى وإصدار الأحكام، من ذلك أن الرئيس ينظر فيه وحده في غياب الأطراف، ودون حضور كاتب الضبط، ثم يصدر أمره الذي لم يشترط المشرع تعليله بخلاف الأحكام القضائية التي استلزم ان تكون دائما معللة وإن كان المنطق يقتضي تسبيب الأمر الصادر بالرفضن لا سيما وأنه يقبل الطعن بالإستئناف.المطلب الثاني: الطعن في الأوامر المبنية على الطلب والمعايناتالفقرة الأولى: صدور الأمر بالقبولبديهي أنه متى صدر الأمر بقبول الطلب، فإنه يتم تنفيذ الإجراء اللازم المبين فيه طبقا لمقتضى الفصل 148 من ق.م.م.

الفقرة الثانية: صدور الأمر بالرفضيكون الأمر في حالة الرفض، قابلا للإستئناف داخل خمسة عشر يوما من يوم النطق به، عدا إذا تعلق الأمر بغثبات حال أو توجيه إنذار، ويرفع هذا الإستئناف أمام محكمة الإستئناف.وعليه فإن الأمر الصادر بالرفض يقبل الغستئناف لدى محكمة الدرجة الثانية، خلال خمسة عشر يوما من تاريخ النطق به، لا من تاريخ تبليغه، على ألا يتعلق الطلب بإثبات حال أو توجيه إنذار، المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 148، إذ يكون الأمر الصادر برفضهما غير قابل لأي طعن.المبحث الثاني: المستعجلات أو قضاء الأمور المستعجلةيقال "إن القضاء هو فن إنهاء الخصومات والدعاوى"، ولن يبلغ هذا الفن مرتبته الراقية إلا بربطه بعامل الزمن، لأن المتقاضي يرغب في معرفة الحلول القضائية التي تخصصها المحكمة لدعواه في أقرب وقت ممكن ومناسب، فالبطء في الأحكام قد يسبب أضرارا متفاوتة الخطورة، مما يجعل لوحة العدالة باهتة.وعلى الرغم من اجتهاد المشرع المسطري في تبسيط الإجراءات والمسطرات العادية، وإسناد أمر تسييرها للقاضي بعيدا عن رغبات وأهواء المتقاضين، فقد بدا أنها لا تفي بتحقيق الحماية القضائية الواجبة لبعض المراكز والأوضاع القانونية، بحيث كان سلوك المسطرة العادية للتقاضي بآجالها وإجراءاتها غير منتج ولا مجد، بل قد يضر ببعض المصالح نتيجة إصدار القرار بعد فوات الأوان.وزاد الأمر حدة بعد أن تطورت الحياة الاقتصادية وتشعبت المعاملات التجارية وتعقدت العلاقات الاجتماعية، فلم يجد المشرع بدا من استحداث مؤسسة جديدة للقضاء، تتسم بالسرعة وقصر الآجال واختصار الإجراءات المسطرية العادية من أجل استصدار قرار كفيل بصيانة الحقوق والمصالح بكيفية مؤقتة ودون المساس بالجوهر، فكانت مؤسسة القضاء الاستعجالي وهي " مسطرة مختصرة تمكن الأطراف في حالة الاستعجال من الحصول على قرار قضائي في الحين، معجل التنفيذ في نوع من القضايا، لا يسمح بتأخير البت فيها من دون أن تسبب ضررا محققا‘‘.أخذ المشرع المغربي بهذا النظام في حلته الحديثة في مسطرته المدنية لسنة 1913 وقد كان العمل به محصورا في المحاكم العصرية، ولم يعمم تطبيقه في جميع محاكم المملكة إلا بعد صدور ظهير التوحيد والمغربة والتعريب ابتداء من فاتح يناير 1966 وهو ما كرسه المشرع في قانون المسطرة المدنية الجديد الذي خصه بالبابين الأول والثاني من القسم الرابع.

ولئن كانت القواعد الموضوعية والإجرائية هي الكفيلة بتحديد أبرز معالم صورة مؤسسة القضاء المستعجل، فإننا بعد استقرائنا للنصوص المنظمة لها، سنحاول مقاربة هذا الموضوع من خلال محورين اثنين: الأول موضوعي، يتعلق بشروط ومميزات هذا القضاء مع إبراز الجهة التي تختص به وتحديد معالم ونطاق ممارساتها، والثاني شكلي، يبرز شكل المساطر والإجراءات أمام هذا القضاء من إحالة الدعوى عليه إلى حين صدور الأمر وتنفيذه، وعليه ستكون خطة البحث على الشكل التالي:المطلب الأول: شروط قضاء الأمور المستعجلة والجهة المختصة باليت فيهاالفقرة الأولى: شروط قضاء الأمور المستعجلةيعرف قضاء الأمور المستعجلة بأنه: قضاء يقصد به الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الأوان فصلا مؤقتا لا يمس اصل الحقن وإنما يقتصر على الحكم بإتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة أو إحترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح الطرفين المتنازعين، وهو فرع متميز ومستقل عن العمل القضائي العادي وعن التنفيذ القضائي، وهو ذو مسطرة مختصرة وغستثنائية وسريعة، ومصاريف قليلة، يسمح لمدع برفع دعوى استعجالية أمام قاض، يعرف بقاضي الأمور المستعجلة، يختص بالبت بصورة مؤقتة ودون المساس بالموضوع في كل نزاع يكتسي صبغة الإستعجال. من هذين التعريفين يتضح أن الشروط الاساسية التي يقوم عليها قضاء الأمور المستعجلة هي عنصر الإستعجال، وعدم المساس بالجوهر، لكن هذين الشرطين يصطبغان بالصبغة الموضوعية، ومن تم سنعرض لشروط شكلية أخرى إضافة إلى الشرطين المذكورين.

أولا: الشروط الموضوعية1~ عنصر الإستعجالأشرنا سابقا بأن الدعائم الأساسية التي يقوم عليها القضاء المستعجل والتي تميزه عن القضاء العادي هي عنصر الاستعجال وعدم المساس بالحق، ويقصد بعنصر الاستعجالي حسب بعض الفقهاء الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درئه عنه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده ويراد به حسب بعض الآخر حالة من الحالات تقتضي تدبيرا فوريا يخشى إن لم يتخذ هذا التدبير حدوث ضرر لا يمكن تداركه في المستقبل، وعرفه البعض الأخر بأنه ( قيام خطر حقيقي يخشى فوات الوقت وحدوث ضرر لا يمكن تلافيه إذا رجع المدعي لدرئه إلى القضاء العادي، وطبقت لذلك المسطرة العادية من استدعاء الخصوم أمام المحكمة، والتحقيق، واصدار الأحكام، وسلوك طرق الطعن العادية بشانها).وهكذا يقوم الإستعجال على عدة مقومات هي:~ أن يكون ثمة خطر حقيقي يهدد حقا مشروعا جديرا بالحماية السريعة.~ أن يكون الخطر مما لا يمكن تداركه، أو مما يخشى تفاقم أمره إن لم تتم مواجهته على وجه السرعة.~ أن يكون الخطر عاجلا يقتضي تلافيه سلوك مسطرة إستعجالية خاصة غير المسطرة القضائية العادية.ولا ينبغي أن نخلط بين الإستعجال والنظر في الدعوى على وجه السرعة. فقد يتبادر إلى الذهن غذا ما تمت قراءة الفصل 46 من ق.م.م، أن الأمر يتعلق بحالة الإستعجال، لكن الحقيقة أنه يتعلق بالبت على وجه السرعة تحقيقا للإنصاف والعدالة في دعوى معينة معروضة على أنظار القضاء، وذلك دون المساس بما يجعل القاضي يرضي ضميره، إذ لا يتصور أن نجبر القضاء على البت بسرعة في دعوى ما، دون أن يكون قد غقتنع بموقفه حيالها.2~ عدم المساس بالجوهرلم يضع المشرع المغربي تعريفا لمبدأ ( عدم المساس بالجوهر أو الموضوع ) وإنما اكتفى بالإشارة إليه في الفصل 152 من ق.م.م، إذ نص على أنه [ لا تبت الأوامر الإستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقتضي به في الجوهر].وقد عرفه بعض الفقه بأنه كل ما من شأنه أن يمس بالسبب القانوني المحدد لحقوق والتزامات الأطراف بعضهم تجاه البعض الأخر.يتبين من هذا التعريف أن عدم المساس بالموضوع أو الجوهر يراد به الا ينظر قاضي الأمور المستعجلة في موضوع الدعوى ولا في أصل الحق، على أن هذا لا يمنع من أن يتفحص موضوع الدعوى بشكل عرضي وبالقدر الذي يكفي لتكوين قناعته، كما لو تقدم شخص بطلب يرمي إلى وضع مال مشترك متنازع فيه تحت الحراسة القضائية، ففي هذه الحالة من اللازم على قاضي الأمور المستعجلة أن يتثبت من وجود الشركة ومن بقاء النزاع قائما بالفعل، وذلك كله قبل أن يصدر أمره بوضع المال المذكور تحت الحراسة.ثانيا: الشروط والإجراءات الشكلية في القضاء الإستعجاليانسجاما مع حالات الاستعجال التي تطبع هذا النوع من القضايا فقد أعطى المشرع بمقتضى الفصل 150 من ق.م.م للمتقاضي أن يقدم دعواه أمام قاضي المستعجلات في سائر الأيام ولو في أيام العطل الأسبوعية أو العطل الرسمية وقبل التسجيل في كتابة الضبط ودون أداء الرسوم القضائية مسبقا، وتقدم الدعوى الاستعجالية في بيت الرئيس في حالة الاستعجال القصوى، وعلى الرئيس أن يستدعي كاتب الضبط لمنزله للبت في القضية على أن تؤدى الرسوم القضائية فيما بعد، وعقد الجلسات في بيت الرئيس نادرة الوقوع إلى درجة الانعدام، وبعد تقديم المقال يعين الرئيس القضية في إحدى الجلسات ويستدعي لها الأطراف بالطرق العادية المنصوص عليها في الفصول 37/38/39، إلا إذا كان هناك استعجال كبير يؤدي تأخير القضية فيه إلى إحداث أضرار يستحيل دفعها ويصعب تداركها فيما بعد، فيمكن للرئيس الذي له كامل السلطة في تقدير حالة الاستعجال أن يستغني عن استدعاء الأطراف ويبت في القضية حسب الوثائق التي يدلي بها المدعي على شرط أن يحضر معه كاتب الضبط وأن تكون الجلسة علنية.1~ الجهة المختصة بالنظر في القضايا الإستعجاليةيتضح من خلال الفصل 149 أن الأصل هو إسناد مهمة قاضي الأمور المستعجلة لرئيس المحكمة، إما رئيس المحكمة الابتدائية أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف حسب الأحوال، والسبب في اعتبار هذا الإسناد أصلا، أن المشرع نص عليه صراحة في هذا الفصل حيث استعمل فيها لفظ "وحده" مما يبين أن مهمة قاضي المستعجلات، لا تسند إلا لرئيس المحكمة ما لم يكن هناك مقتضيات مخالفة.لقد أسند المشرع المغربي لرئيس المحكمة الابتدائية وحده مهمة الفصل في القضايا المستعجلة، وإذا عاقه مانع أسندت تلك المهمة لأقدم القضاة العاملين بتلك المحكمة، وإسناد الاختصاص لرئيس المحكمة راجع لما يمتاز به من تكوين قضائي واسع و ثقافة قانونية شاملة، ناهيك عن الخبرة و الحكمة القضائيتين، وهذه شروط افترض المشرع توفرها في رئيس المحكمة مما يجعله الشخص المناسب والأقدر على تبوء مركز الرئاسة مما تتطلبه من سرعة البت، وإصدار الأمر بناء على ظاهر المستندات، أي دون البت في الجوهر، أما بالنسبة لأقدم القضاة الموجودين في المحكمة، والذي جعله المشرع قاضيا للأمور المستعجلة في حال ما إذا عاق الرئيس مانع قانوني، هو أمر لم يسلم من النقد، على اعتبار أن التخصص في المادة يعطي نتائج أفضل من الأقدمية العامة في السلك القضائي.





2~ الخصائص الأساسية المميزة للأوامر الإستعجاليةإن القضاء الاستعجالي قضاء استثنائي متميز عن القضاء العادي، ذو اختصاص ضيق و مقيد، فمن حيث الجهة الموكول إليها بالبت في الأمور المستعجلة، نجد بأن المشرع المغربي قد أسند لرئيس المحكمة الابتدائية أو لرئيس المحكمة الإدارية أو للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بحسب الأحوال، الاختصاص بالبت في الأمور المستعجلة ، أما من حيث ضيق الاختصاص، فلا ينعقد اختصاص قاضي الأمور المستعجلة إلا عند الضرورة التي لا تحتمل الانتظار.ومن حيث القيد الوارد على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة فهو الناتج عن عدم جواز المساس بالموضوع، فعلى الرغم من توفر عنصر الاستعجال يكون القاضي الاستعجالي غير مختص بالبت في الطلب إذا كان في ذلك مساس بجوهر النزاع.وقد ميز المشرع القضاء الاستعجالي ببساطة الإجراءات، وقصر الآجال، و أعفى الخصوم من بعض الشكليات، و جعل أوامر قاضي الأمور المستعجلة مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون، و لم يسمح بالطعن فيها عن طريق التعرض.و يتميز القضاء الاستعجالي عن قضاء الموضوع بالخصائص التالية:. ~ إمكانية إصدار الأوامر الاستعجالية بالسرعة المناسبة. الاستغناء عن إجراءات المسطرة الكتابية ~. ~ مرونة شروط رفع الدعوى الاستعجالية. ~ الأوامر الاستعجالية مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون~ الأوامر الاستعجالية لا تقبل الطعن بالتعرض، ولا الطعن بإعادة النظر، ويجوز الطعن ضدها بالاستئناف فقط.3~ مجال إختصاص القضاء الإستعجاليلا خلاف في أن اختصاص القضاء الإستعجالي، اختصاص غير محدد بمجال أو نطاق محصور، ومن ثم فإن الحالات اللتي ساقها المشرع سواء في قانون المسطرة المدنية الذي يعنينا في هذه الدراسة أو في قوانين أخرى، إنما هي واردة على سبيل المثال فحسب، منها:أ~ إثبات حال وتوجيه إنذارتعتبر دعوى إثبات الحال من الدعاوى الوقتية التي يقصد بها تصوير حالة مادية يخشى ضياع معالمها إذا انتظر طرح النزاع على قضاء الموضوع، وهكذا نص المشرع صراحة على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالبت في المقال الذي يستهدف الحصول على أمر في إثبات الحال.فإثبات الحال هو وصف لحالة راهنة يخشى اندثارها و زوالها، و ذلك حتى يستفيد منها المدعي عند عرض النزاع على محكمة الموضوع، لذا فدعوى إثبات الحال تبقى مجرد دعوى مستعجلة ووقتية لا تمس أصل الحق، وحتى يتم قبولها ينبغي ألا يترتب عن إصدار الأمر إضرار بحقوق الأطراف أو المساس بجوهر الحق، وذلك كما اقتضى الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية، لذا لا تقبل دعوى إثبات الحال إذا تضمنت اعتداء على أحد الأشخاص أو شخصه أو جسمه، كالكشف عن جسم امرأة جبرا أو لإثبات حمل.وتصدر الأوامر بناء على طلب في غيبة الأطراف ودون حضور كاتب الضبط، وبالتالي دون انعقاد جلسة ومن غير تحرير أمرها وفق الصيغ التي يتطلبها الفصل 50 من ق.م.م، كما أنها غير قابلة للإستئناف إلا في حالة الرفض، وذلك داخل 15 يوما من تاريخ صدورها، وإن كانت قلما تستأنف من الناحية العملية، لأنه في حالة رفض الطلب وبغية مفاجأة الطالب المطلوب، يفضل الطالب أن يعيد الكرة المرة بعد المرة على أن يقوم بالاستئناف.ب~ الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذإن الصعوبات المتعلقة بتنفيذ الحكم، هي تلك المنازعة القانونية أو الواقعية التي يثيرها المهدد بالتنفيذ، أو المنفذ ضده، أو أي طرف يمس التنفيذ بمصالحه بناء على ادعاءات يتمسك بها، بحيث لو صحت لأثرت في التنفيذ فيصبح التنفيذ جائرا أو غير صحيح أو باطلا، من هنا يتبين لنا أن الصعوبة في التنفيذ ترمي إلى منازعة تطرح بصددها خصومة على القضاء.




ج~ الأمر بالحراسة القضائيةمن أهم التطبيقات العملية للقضاء المستعجل هي إجراء الحراسة القضائية، مما جعل المشرع في الفصل 149 من ق.م.م، ينص عليها صراحة إلى جانب الصعوبات المتعلقة بالتنفيذ والإجراءات التحفظية، التي تعتبر الحراسة القضائية من بينها، وذلك لإبراز أهميتها القصوى لما تلعبه من دور كبير في توازن الحياة الإقتصادية نظرا لتشعب المعاملات المدنية وما ينجم عنها من مشاكل وارتفاع كبير في حجم المنازعات، فأقر المشرع نظام الحراسة القضائية رغبة منه في تأمين وتحصين حقوق الأطراف إلى أن يقع الفصل في موضوع النزاع.وتبرز أهمية الحراسة القضائية في الحلول العاجلة التي تقدمها لصيانة المعاملات الكبرى والإستثمارات الواسعة التي تمخضت عن التطور الإقتصادي الحديث مما جعلها تحتل المرتبة الأولى في الإجراءات التحفظية التي يمكن للقضاء المستعجل أن يتخدها، فهي أفضل من الحراسة الإتفاقية التي تقلصت أهميتها أمام الحراسة القضائية لما لسلطة القضاء من ضمان سير اجراءات الحراسة على وجهها الصحيح. ولما تشكله الحراسة القضائية من قيد مؤقت على حرية التملك، من جهة، ولما لها من أهميةخاصة من جهة أخرى، فأتى القضاء ليوازن بين حسنات الحراسة القضائية وشرورها فانه لا يتخذ إجراء الحراسة القضائية إلا كلما دعت الضرورة القصوى إلى ذلك، وكلما كانت هي الوسيلة الفعالة والإيجابية للمحافظة على مصالح وحقوق الأطراف فهي سلاح ذو حدين يجب أن يحسن استعماله وإلا انقلب الإجراء شرا واعطى نتائج عكسية على مصالح الأطراف أولا، وعلى الصالح العام أخيرا.ومن خلال الفصل 818 من ق ل ع، يمكن ان نعرف الحراسة القضائية بانها اجراء تحفظي مؤقت لا يمس جوهر الحق، يتمثل في الإيداع المادي للشيء محل النزاع بين يدي الغير، ويأمر به القضاء بناء على طلب واحد أو أكثر من ذوي الشأن، في حالة قيام النزاع بينهم على ملكية أو حيازة منقول أو عقار أو في الحالات الأخرى التي يحددها القانون.المبحث الثالث: مسطرة الأمر بالأداءنظام مسطرة الأمر بالأداء طريقة ابتدعها المشرع وجعلها تحت تصرف الدائن ليطالب بحقه في غيبة خصمه، وقد قصد المشرع من إحداثها تمكين الدائن من دينه في أقرب وقت وبأقل مصاريف.فمن حيث الرسوم القضائية لا تتعدى هذه الرسوم 100 درهم كيفما كان مبلغ الدين المطلوب، ومن حيث السرعة، فإن البت فيها لا يتطلب استدعاء الأطراف ولا عقد جلسة ولا حضور كاتب الضبط، وإنما يبت فيها الرئيس حالا وفي مكتبه، ويبلغ إلى المحكوم عليه الأمر الصادر في القضية.وقد عالج المشرع هذه المسطرة في الفصول من 155 إلى 165 ق م م.المطلب الأول: ماهية مسطرة الأمر بالأداءالفقرة الأولى: المقصود بمسطرة الأمر بالأداءمن المعلوم ان الدعوى في مجراها الطبيعي تتطلب آجالا قد تطولن للإدلاء بالمستندات وإعداد مذكرات الدفاع والتحقيق، وما إليها من الإجراءات التي تمتد مع سير الخصومة.غير أن هناك نوع من القضايا يتميز بكون الديون فيه ثابتة في سندات مكتوبة رسمية أو عرفية، وبكونها مستحقة الأداء، وضع له المشرع مسطرة خاصة تختلف عن المسطرة العادية، ألا وهي مسطرة الأمر بالأداء.الفقرة الثانية: طبيعة مسطرة الأمر بالأداءيبدو من المحتوى العام للفصول المشار إليها أعلاه، أن مسطرة الأمر بالأداء من نوع خاص، حيث تمكن الدائن من استصدار أمر من القضاء بإستيفاء دينه وفق إجراءات سريعة وبسيطة، ذلك أنها تتم دون مرافعة، وفي غياب الأطراف وكاتب الضبط، فضلا عن أن المشرع قلص في إطارها من طرق الطعن ومن مواعيد ممارستها.المطلب الثاني: شروط إصدار أوامر الأداءيعتبــر سلــوك مسطرة الأمر بالأداء في قانــون المسطرة المدنية المغربي جوازيــا بالنسبــة للدائــن ، أي أنــه إن أراد الاقتصاد في الوقــت و النفقــات أن يسلــك مسطرة الأمر بالأداء و إذا لــم يرد سلــوك مثل هذه المسطرة فلــه أن يطلــب تعويضــا عن التأخيــر بالإضافــة إلى أصــل الديــن أو يطلــب تحديد الإكــراه البدنــي في حالــة عدم وجود ما يحجز لدى المديــن فلــه أن يسلــك الطريــق العادي بينمــا ألزم قانون المرافعــات المدنيــة المصري الدائــن متى توفرت لــه شروط الأمر بالأداء أن يقدم دعــواه في مسطرتهــا و إلا كانــت دعــوى غير مقبــولــة و تقضى المحكمــة تلقائيــا بذلــك ، تنقســم هذه الشروط إلى شروط موضوعيــة تتعلــق بصفــات الديــن و مقداره ، و أخرى شكليــة تتعلــق بكيفيــة تقديــم طلــب الأمر بالأداء.الفقرة الأولى: الشروط الموضوعيةأولا : أن يكــون المطلــوب هو الحصــول على مبلــغ ماليينصب طلب الأمر بالأداء على المال دون غيره، وانتفاء هذا الشرط يؤدي لرفض الطلب لإنعدام شرط جوهري للإستفادة من مسطرة الأمر بالأداء، وبذلك أخرج المشرع جميع المعاملات الاخرى التي لا تنصب على النقود بشكل مباشر، والتي يبقى النزاع حولها خاضع للمسطرة العادية، لأنها تحتاج تحقيق وتدقيق ووثائق ومستندات وأحيانا شهود وخبرة لتفصل هيئة المحكمة فيها، خاصة ان مسطرة الامر بالأداء مسطرة إستثنائية كما سبق ذكر ذلك مقيدة بشروط محددة تكون فاصلة إن توفرت في الطلب المقدم، وبالتالي فهي لا توازي المسطرة العادية في التشعي و الإجراءات.ثانيا: أن يتجاوز المبلغ المطلوب 1000 درهمإن كل طلب أمر بالأداء يقل عم ألف درهم يكون مصيره الرفض لعدم توفر شرط جوهري نص عليه كذلك الفصل 155 من ق م م، وهو تجاوز قيمة الطلب 1000 درهم، وكل مبلغ يقل عن ذلك يبقى للدائن فيه سلك المسطرة العادية ( قسم قضاء القرب بالمحكمة الإبتدائية المختص بالبت في القضايا ذات القيمة التي تقل عن 5000 درهم )، فالقيمة المحددة في تجاوز 1000 درهم شرط ضروري لقبول طلب الأمر بالأداء للنظر في مدى توفر الشروط الأخرى.



ثالثا: أن يكون مبلغ الدين تابثا ومحدداأوجب المشرع ضمن الشروط الواجب توفرها في طالب مسطرة الأمر بالأداء أن يكون مبلغ الدين المطالب به تابتا ومحددا، بمعنى أن ينص في سند الدين على مبلغ واضح ومحدد لا يشوبه اي غموض من حيث قيمته ولا يحتمل الترجيح أو البينة، ولأن مسطرة الأمر بالأداء سريعة وأستثنائية فكان لزاما على المشرع تقييدها بهذا الشرط الذي له أهمية في التخفيف من الطلبات التي لا يتوفر فيها عنصر الدقة في قيمتها والتحديد في مبلغ الدين فيها، وبالتالي تحتمل التنازع بين الدائن والمدين حول القيمة الحقيقية للدين وهو ما يمكن التوصل إليه عبر المسطرة العادية أمام المحاكم الإبتدائية أو داخل قسم قضاء القرب حسب معيار القيمة في النزاع.رابعا: أن يكون الدين مستحقايعني قد جاء أجل الوفاء بالدين ولم يريد المدين أداءه بعد طلبه من طرف الدائن وبعد إخطاره بحلول آجال استيفاء الدين، فلا يقبل طلب الأمر بالأداء حول دين لم يأتي أجل استحقاقه، لأن ذلك يهدد الذمة المالية للمدين الذي من الممكن أن يكون في علاقة مديونية أخرى هو فيها الدائن ومرتبط أجل إستحقاقه للدين إستفاء الدين الأول في علاقته بالدائن.خامسا: أن يتوفر المدين على موطن بالمغربلا يقبل طلب الدائن الذي يطلب استيفاء دين مدين يقطن خارج التراب الوطني وليس له موطن معروف بالمغرب ( الفصل 157 من ق م م ) لذلك كل طلب استيفاء دين من مدين ليس له موطن بالمغرب يكون مصيره الرفض والإحالة على المحكمة المتخصصة وفق الإجراءات العادية لإنعدام أحد شروط الإستفادة من المسطرة الإستثنائية المتعلقة بالأمر بالأداء، فلا يمكن أن يلاحق القضاء شخص على دين خارج التراب الوطني، بمعنى آخر أن الدائن هنا سيتحمل مسؤولية ثقته في شخص ليس له موطن في المغرب وتبعات هذه الثقة على صعوبة إستفاء هذا الدين وفق المسطرة العادية.الفقرة الثانية: الشروط الشكليةيقضي الفصل 156 من ق م م في فقرته الثانية والثالثة بما يلي:يتضمن المقال الاسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن الأطراف مع البيان الدقيق للمبلغ المطلوب وموجب 



الطلبيجب أن يعزز هذا الطلب بالسند الذي ينبث صحة الدين.يستفاد من هذا الفصل أن مقال الأمر بالأداء يتطلب بعض البيانات التي يفرضها قانون المسطرة المدنية بالنسبة للمقالات عموما وهي طبق الأصل للبيانات التي يتطلبها مقال الدعوى والواردة في الفصل 32 من قانون المسطرة المدنيةإلى جانب ماسبق يجب أن يكون المقال مكتوبا وموقعا عليه من طرف الطالب أو وكيله وهذا على خلاف القواعد المنصوص عليها في الفصل 31 من ق م م الذي ينص على على أنه يمكن رفع الدعوى إما بمقال مكتوب أو بمجرد تصريح شفوي يدلي به المدعي ويحرره أعوان كتابة الضبط على شكل محضر يوقع عليه المدعي أو وكيله يشار إلى انه لا يمكنه التوقيع.الفقرة الثالثة: تبليغ وتنفيذ الأمر الصادر بالأداءأولا: التبليغفيما يخص تبليغ الأمر الصادر بالأداء نجد أن المشرع ينص من جهة على "أن الأمر الموافق للطلب يبلغ إلى المدعى عليه الذي يجب عليه أن يدفع المبلغ المحكوم به في ظرف 8 أيام الموالية للتبليغ وإلا اجبر على الأداء بكل الطرق القانونية وخاصة بطريق حجز أمواله المنقولة.ومن جهة ثانية فهو يقضي" بأن وثيقة التبليغ تشتمل على نسخة من المقال وسند الدين والأمر بالأداء وإنذار المدين بوجوب تسديد مجموع مبلغ الدين والصائر المحدد في الأمر مع إشعاره..........وإلا أصبح الأمر بالأداء مشمولا بالنفاد المعجل.لكن بما أن سند الدين يعتبر حجة بيد الدائن ومن ثم لا يسوغ تبليغه إلى المدين تفاديا لضياعه فان المجلس الأعلى تنبه لهذه النقطة وقضى في قرار له مؤرخ في 29 أكتوبر 1986"ليس من المنطق أن يبلغ مع الأمر بالأداء سند الدين لما في ذلك من تعريضه للضياع وليس في الفصل 161 المحتج به ما يقتضي ذلك وإنما يوجب أن تشتمل وثيقة التبليغ على ملخص المقال وعلى مجرد التعريف بسند الدين كمبيالة أو فاتورة أو عقد عرفي.ثانيا: التنفيذأما بالنسبة للتنفيذ فيبدوا أنه إذا لم ينفد المدين الأمر الصادر ضده أو لم يقدم طلب استئناف في ظرف 8 أيام الموالية للتبليغ المسلم له شخصيا ا والى موطنه فان الأمر الصادر بالأداء يصير بحكم القانون قابلا للتنفيذ المعجل على الأصل ,كذلك إذا رفض طلب الاستئناف فان الأمر يكتسب كل مفعوله ويصبح قابلا للتنفيذ المعجل بقوة القانون.ومع ذلك يجوز للقاضي سواء في المرحلة الابتدائية أو الاستئنافية أن يمنح للمحكوم عليه أجلا للوفاء بالدين على أن يتم ذكر ذلك في الأمر أو القرار أي حينما تحكم المحكمة بالأداء أو تؤيد محكمة الدرجة الثانية الأمر الصادر بالأداء إذا اتضح من أوراق الملف أن تأخر المدين يعزى إلى أمور خارجة عن إرادته.وككلمة وجيزة أختم بها هذه الإطلالة على مسطرة الأمر بالأداء نشير إلى انه يمارس رؤساء المحاكم التجارية علاوة على الاختصاصات المخولة لهم في المادة التجارية تلك المسندة إلى رؤساء المحاكم الابتدائية بموجب قانون المسطرة المدنية منها البث في القضايا الاستعجالية وإصدار أوامر مبنية على طلب وأوامر بالأداء مبينة على الأوراق التجارية والسندات الرسمية وذلك بموجب الفصل 21 من قانون 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية.وفيما يرجع لمسطرة الآمر بالأداء يبدوا لي من من وجهة نظري أن الاختصاص يخضع للقواعد الوارد في قانون المسطرة المدنية سواء فيما يخص شروط استعمال مسطرة الأمر بالأداء او سلطة رئيس المحكمة في إصدار الأمر مع الأخذ بعين الاعتبار الدين وقيمته.





منقول للافادة.

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More